الصحة العامة

حبـوب الفيتـامينـات مـا فـائـدتهـا ؟

فيتامين «د» والكالسيوم.
فيتامين د» (D)
إن أردنا الحصول على فيتامين «دي» بالطريقة القديمة التي يتم إنتاجه بها في البشرة، فنحن بحاجة إلى الكثير من أشعة الشمس، ولكن في الوقت الذي انتقل فيه الأميركي من العمل في المزارع إلى المكاتب، وبعد أن تعلم استخدام كريمات الوقاية من الشمس لتقليل خطر الإصابة بسرطان الجلد والتجاعيد، أخذ 70 في المائة من الأميركيين يفتقرون إلى الكميات الكافية من فيتامين «دي» الذي يسمى «فيتامين أشعة الشمس». ونتيجة لهذا، يتعرض كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة والأشخاص الملونون للخطر نتيجة نقص هذا الفيتامين.

يحتاج الجسم لفيتامين «دي» لتقوم الأمعاء بامتصاص الكالسيوم، لذا يعتبر هذا الفيتامين شديد الأهمية للحصول على عظام صحية. يبدو أيضا أن فيتامين «دي» يقلل من خطر الإصابة بالكثير من المشكلات العصبية والعضلية، لا سيما الصرع، بينما تحمل بعض الأدلة الأولية الأمل في أن المستويات الجيدة من فيتامين «دي» في الجسم قد تساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان البروستاتا وبعض الأورام الخبيثة الأخرى، وربما بعض أمراض المناعة الذاتية.
تشير التوجيهات الحالية إلى ضرورة تناول 600 وحدة دولية من فيتامين «دي» في اليوم الواحد لمن هم أقل من 71 عاما و800 وحدة دولية في اليوم الواحد لمن هم أكبر من 71 عاما، لكن الكثير من الخبراء ينصحون بتناول من 800 إلى 1000 وحدة دولية في اليوم الواحد لغالبية البالغين. تعتبر تناول جرعات حتى 4000 وحدة دولية في اليوم الواحد مسألة آمنة، لكن الجرعات الأعلى من ذلك قد تكون سامة.
من الصعوبة الحصول على فيتامين «دي» الذي تحتاجه من خلال نظامك الغذائي، حيث إن الأسماك الغنية بالزيوت ومنتجات الألبان كاملة الدسم هي فقط المصادر المهمة التي تحتوي على هذا الفيتامين. لذا، فان استخدام المكملات الغذائية أمر منطقي بالنسبة لمعظم البالغين.
يوصى عادة بتناول ما يعرف بفيتامين «دي 3» (D3)، ويعتبر فيتامين «دي 2» (D2) فعالا أيضا. وللحصول على أفضل النتائج، ينبغي تناول فيتامين «دي» جنبا إلى جنب مع الوجبات التي تحتوي على بعض الدهون. وإذا كنت تريد التأكد من احتياجك لهذا الفيتامين، فقم بإجراء اختبار دم، حيث تعتبر المعدلات التي لا تقل عن 30 نانو غراما في الملليلتر الواحد أفضل.

الكالسيوم
لن تتمكن كل فيتامينات «دي» في العالم من حماية عظامك إذا لم تحصل على كمية كافية من الكالسيوم. فمن الناحية النظرية، يمكن للنظام الغذائي الذي تسير عليه أن يكون مقبولا في الوقت الذي لا يتناول فيه غالبيتنا كميات كافية من منتجات الألبان أو الأغذية الأخرى الغنية بالكالسيوم.
تبلغ الكمية الغذائية الموصى بها (Recommended Dietary Allowance) المعرفة اختصارا بـ«آر دي إيه» من الكالسيوم 1000 ملليغرام للرجال الأقل من سن 71، بينما تبلغ 1200 ملليغرام للرجال الأكبر سنا.
إذا كان نظامك الغذائي لا يحتوي على تلك المعدلات، فمن المنطقي استخدام المكملات الغذائية، حيث تعتبر كربونات الكالسيوم وسترات الكالسيوم هي الأفضل في تلك الحالة.
وعلى الرغم من أن الكثير من الأطباء يوصون بمكملات الكالسيوم للنساء اللاتي يزيد خطر إصابتهن بهشاشة العظام، ينبغي أن يقتصر الرجال على تناول كمية الغذائية للكالسيوم الموصى بها فقط، حيث إن بعض الأدلة تشير إلى أن المعدلات العالية من الكالسيوم قد تزيد من خطورة الإصابة بسرطان البروستاتا. فقد ربط البحث الذي نشر في شهر أبريل (نيسان) مكملات الكالسيوم الغذائية، سواء كانت تحتوي على فيتامين «دي» أم لا، بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. وعلى الرغم من أن هذا الخطر غير مثبت، فإنه يؤكد ضرورة إجراء دراسة متأنية لمخاطر وفوائد المكملات الغذائية، بما في ذلك تلك المكملات شائعة الاستخدام التي «يدرك الجميع أنها جيدة بالنسبة لهم».

مضادات الأكسدة. كانت فيتامينات «إيه» A و«سي» C، «إي» E، والبيتاكاروتين (beta carotene)
هي المفضلة في الثمانينات وأوائل التسعينات، ولكن الكثير من التجارب السريرية العشوائية المتأنية لم تظهر أي فائدة لتلك الفيتامينات في أمراض القلب أو السرطان أو الأمراض الأخرى. ليس هذا أسوأ ما في تلك الفيتامينات، ففي الواقع يزيد تناول جرعات مرتفعة نسبيا من فيتامين «إيه» من خطر الإصابة بكسور الحوض، بينما يرتبط تناول جرعات مرتفعة من نفس الفيتامين (إيه) بزيادة خطورة الإصابة بسرطان البروستاتا. ويزيد البيتاكاروتين من خطر الإصابة بسرطان الرئة عند المدخنين، بينما يزيد فيتامين «إي» من خطورة الإصابة بسرطان البروستاتا ويرتبط بزيادة التهابات الجهاز التنفسي وقصور القلب ومعدل الوفاة الكلي.
لا يجب تناول المكملات الغذائية المضادة للأكسدة، ولكن هناك استثناء واحد: يستفيد الأشخاص المصابون بتحلل البقعة الصفراء المعتدلة أو المتقدمة المرتبط بتقدم السن من بعض المكملات الغذائية المضادة للأكسدة المحددة التي تحتوي أيضا على الزنك. ولكن، ولسوء الحظ، لا يفعل هذا الإجراء أي شيء لمنع الإصابة بتحلل البقعة الصفراء المرتبط بتقدم السن عن الأشخاص الذين يتمتعون بنظر سليم.

فيتامينات «بي» الـثلاثة
وتماما كما حدث مع مضادات الأكسدة التي انتقلت من الازدهار إلى الكساد، تغير الحال أيضا مع 3 أنواع من فيتامين «بي»: فيتامين «بي 6» (B6) (البيريدوكسين pyridoxine)، و«الفوليت folate» الذي يعرف أيضا بحمض الفوليك في شكله الصناعي)، وفيتامين «بي 12» (B12) أو(الكوبالامين ، cobalamin).
ويعتبر الهوموسيستين (homocysteine)، وهو من الأحماض الأمينية التي توجد في دماء كل البشر، شديد الخطورة على صحة الإنسان، حيث ربطت الدراسات المتعاقبة بين ارتفاع معدلات الهوموسيستين وزيادة خطر التعرض لأمراض القلب. وأظهرت الدراسات المتعاقبة أن حمض الفوليك، بمفرده أو مع فيتامين (B6) أو (B12)، قادر على خفض معدلات الهوموسيستين.
واعتمادا على أبحاث قوية، كان هناك سبب يدعو للأمل في أن فيتامينات «بي»، وحتى في الكميات التي توجد في الفيتامينات المتعددة العادية، قد تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، ولكن سلسلة من التجارب السريرية العشوائية التي تم إجراؤها في السنوات القليلة الماضية بددت من تلك الآمال. ولا تقوم المكملات الغذائية التي تحتوي على فيتامين «بي» بحماية القلب أو الدماغ، إلا في الأشخاص الذين ورثوا بعض المشكلات في التمثيل الغذائي التي تؤدي إلى ارتفاع مستويات الهوموسيستين بصورة كبيرة، وهو ما يشكل خيبة أمل كبيرة أخرى بالنسبة للمكملات الغذائية، لكن لا يزال هناك نوعان من فيتامين «بي» يستحقان إجراء نظرة إضافية.
* يوجد فيتامين «بي 12» (B12) في الأطعمة ذات المصدر الحيواني، لذا فقد يحتاج الأشخاص النباتيون إلى مكملات غذائية. وعلاوة على ذلك، لا تنتج المعدة لدى كبار السن كميات كافية من أحماض المعدة اللازمة لاستخلاص فيتامين «بي 12» (B12) من المنتجات الحيوانية لكي يقوم الجسم بامتصاصها. لكن فيتامين «بي 12» (B12) يضاف أيضا إلى منتجات الحبوب الكاملة وبعض الأطعمة الأخرى، حيث يسهل امتصاص فيتامين «بي 12» (B12) في شكله الصناعي حتى من دون أحماض المعدة. يعني هذا أن طبقا واحدا من الحبوب يمكن أن يوفر لك الكمية الغذائية الموصى بها التي تبلغ 2.4 ملليغرام في اليوم الواحد. وعلى الرغم من ذلك، فإن كان معدل استهلاكك من الحبوب المدعمة غير منتظم، فمن المنطقي تناول فيتامين «بي 12» (B12).
* أما الفوليت فأمره أكثر تعقيدا، حيث إن الفيتامينات هي أمر شديد الأهمية لإنتاج خلايا الدم الحمراء، ولها دور مهم في إنتاج الحامض النووي وإصلاح أي خلل في الشفرة الوراثية. فعلى الرغم من وجود الفوليت في مجموعة متنوعة من الخضراوات ذات الأوراق الخضراء والفواكه والبقوليات واللحوم، لم يكن معظم الأميركيين يحصلون على الكمية الغذائية الموصى بها من الفوليت التي تصل إلى 400 ميكروغرام حتى أواخر التسعينات، حيث إن نقص الفوليت خلال فترة الحمل يزيد بشدة من مخاطر الإصابة بعيوب خلقية مدمرة، وهذا هو السبب الذي دفع الحكومتين الأميركية والكندية إلى إصدار بعض القوانين التي تفرض تدعيم كافة منتجات الحبوب بحامض الفوليك (بما في ذلك الحبوب والخبز والدقيق والمعكرونة والأرز) من عام 1998 فصاعدا.
قللت المنتجات المدعومة بحمض الفوليك من مشكلة العيوب الخلقية، لكن لا يزال أطباء التوليد ينصحون النساء الحوامل بتناول المكملات الغذائية. وتعتبر هذه قصة نجاح نادرة بالنسبة للمكملات الغذائية، ولكن قد يكون لها عواقب سلبية غير مقصودة. فعلى الرغم من أن الكميات العادية من الفوليت تحمي الخلايا من التحولات الخبيثة، فإن الكميات الكبيرة منه قد يغذي نمو الخلايا السرطانية سريعة الانقسام والتكاثر.
وتشير بعض الأبحاث الحديثة إلى أن الجرعات البسيطة من المكملات الغذائية التي تحتوي على حامض الفوليك، عندما يتم إضافتها إلى حامض الفوليك في الأطعمة المدعمة والفوليت الطبيعي الذي توجد في الغذاء، فإن ذلك قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطانات القولون والبروستاتا والثدي. ولم تؤكد الدراسات الأخرى وجود أي خطر أو فائدة تنتج عن تناول الفوليت، وعلى أي حال، لا يعد هذا مصدرا للقلق بالنسبة للنساء اللاتي يتناولن المكملات الغذائية التي تحتوي على حامض الفوليك خلال فترة الحمل، ولا يعد هذا سببا أيضا لتجنب الأطعمة الصحية التي تحتوي على الفوليت، ولكن تعتبر تلك الدراسات بمثابة تحذير من أكثر المكملات الغذائية شيوعا وهي الفيتامينات المتعددة.

الفيتامينات المتعددة
* الفيتامينات المتعددة (multivitamins). على الرغم من المكانة المميزة التي تحظى بها الفيتامينات المتعددة، فإنه لا يوجد دليل على أنها تعزز الصحة والسلامة أو تمنع الأمراض. وقد خلصت قوة المهام الخاصة بالخدمات الوقائية في الولايات المتحدة ومؤتمر حالة العلم الذي عقدته المعاهد الوطنية للصحة في عام 2006 إلى أن الفيتامينات المتعددة لا توفر الحماية ضد أمراض القلب أو السرطان.
وقد استمر الكثير من الأطباء في التوصية «بتناول» تلك الفيتامينات المتعددة حتى من دون مناقشة تلك النتائج. ويتمثل أحد المبررات المنطقية في تناول تلك الفيتامينات المتعددة في أنها وسيلة مريحة وغير مكلفة للحصول على فيتامين «دي»، ولكن معظم تلك المركبات توفر 400 وحدة دولية فقط، وهو أقل بكثير من الرقم الموصى به في الوقت الراهن الذي يتراوح من 800 إلى 1000 وحدة دولية.
ولا تروق الفيتامينات المتعددة للكثير من العلماء، ولكن لكي تحظى الفيتامينات المتعددة بالجدارة لتصبح بمثابة بوليصة تأمين غذائية، يجب أن تكون آمنة أولا، ولكن هل هي آمنة؟ لا نعرف على وجه اليقين الإجابة عن هذا السؤال.
أثارت دراسة تم إجراؤها في عام 2007 احتمالية تعرض الرجال الذين يتناولون أكثر من 7 فيتامينات متعددة في الأسبوع إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، وبخاصة إذا كانوا يتناولون بعض المكملات الغذائية الأخرى. وعلاوة على ذلك، ربطت دراسة أجريت عام 2011 تناول الكثير من المكملات الغذائية بارتفاع معدل الوفيات بين النساء، بينما أثارت الأبحاث التي أجريت حول تناول كميات كبيرة من الفوليت مزيدا من المخاوف الأخرى.
يحتوي الفيتامين المتعدد النموذجي على 400 ميكروغرام من حامض الفوليك، التي تمثل 40 في المائة فقط من الجرعة الموضحة لتعزيز نمو الأورام محتملة التسرطن في القولون. ويتم إضافة حامض الفوليك الآن إلى الكثير من الحبوب المدعمة، حيث من السهل أن نلاحظ كيف يمكن لنظام غذائي صحي يحتوي على كميات حبوب كبيرة والخضراوات الغنية بالفوليت والبقوليات أن يجمع بسهولة بين الفيتامينات المتعددة لزيادة كمية الفوليت التي يتناولها الفرد يوميا إلى 1000 ميكروغرام (ملليغرام واحد) أو حتى أكثر.
وعلى الرغم من تلك المخاوف، فلا يوجد دليل حتى الآن على أن تناول الفيتامينات المتعددة بشكل يومي يعتبر ضارا أو حتى نافعا. وإذا لم تكن تلك الفيتامينات المتعددة نافعة، فإن الفرصة الضئيلة لحدث ضرر يجب أن تثني الناس عن تناولها. وعلى أي حال، فإن أحد المبادئ الأولى في الطب أنه لا يجب عليك إحداث أي ضرر.

المصدر/ الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى