المقولة الشهيرة «صحيح الفم، صحيح البدن والنفس»، جملة صحيحة مائة في المائة، وذلك طبقا للأدلة العلمية، فالمحافظة على صحة الفم والأسنان لا تعني فقط الاحتفاظ بابتسامة بيضاء جذابة ومشرقة، بل يتعدى الأمر إلى كثير من الفوائد المتعلقة بالصحة البدنية والنفسية، مثل تحسين حالة الصحة العامة، والحالة المعنوية للشخص، والإقلال من مخاطر الإصابة بأمراض خطيرة، من بينها أمراض القلب وتصلب الشرايين والسكتة الدماغية والتهابات الكلى والمفاصل وأجزاء أخرى من الجسم، بالإضافة إلى القدرة على الاحتفاظ بذاكرة قوية خلال سنوات العمر الذهبية والمزيد من ضبط السكري والوقاية من ولادة طفل قليل الوزن والولادة المبكرة.
فوائد صحية
* الاهتمام بصحة الفم والأسنان يجب أن يبدأ منذ الصغر، لذلك يؤكد خبراء الصحة على ضرورة الاهتمام بتدريب الأطفال على الاهتمام بصحة الفم والأسنان باعتبارها أفضل ادخار واستثمار لهم، يحميهم خلال سنوات العمر من مخاطر صحية كثيرة.
ومن الفوائد الصحية للمحافظة على صحة وسلامة الفم والأسنان:
* تدعيم احترام الذات والثقة بالنفس، فالأسنان المسوسة واللثة النازفة والتجاويف الملتهبة بالفم لا ترتبط فقط بالمظهر القبيح، بل ترتبط أيضا برائحة النفس الكريه، وهي مشكلة لها أبعاد صحية واجتماعية تؤثر بشكل كبير على الثقة بالنفس والنظرة الإيجابية للذات، كما أن التمتع بفم سليم خالٍ من الأمراض يساعد على تحسين نوعية الحياة، فيستطيع الفرد التلذذ بمضغ الطعام والحصول على نوم صحي بعيدا عن الأسنان المؤلمة والتهابات الفم المؤرقة التي تسترعي كثيرا من الانتباه والتركيز وتساعد على تشتيت الذهن.
* الإقلال من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. هل تؤثر بكتيريا الفم على صحة القلب والشرايين؟ تساؤل هام تناولته دراسات كثيرة أكدت أن المعاناة من أمراض اللثة والتهابات الفم المتكررة ترتبط بمخاطر الإصابة بالحمى الروماتيزمية، والتهابات صمامات القلب، وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين، وانسداد الأوعية الدموية، وزيادة مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
ولم تحدد الدراسات بوجه الدقة سر هذه العلاقة، لكنها أشارت إلى احتمال انتشار البكتريا الفموية أو سمومها عبر تيار الدم لتصل إلى النتوءات الدهنية المتراكمة على الجدران الداخلية للشرايين، مما يؤدي إلى حدوث حالة من الالتهاب المزمن والمزيد من تصلب الشرايين ومشكلات القلب والأوعية الشرايين.
بكتيريا الفم
* الإقلال من مخاطر العدوى المنتشرة بالجسم والتهابات المفاصل. وأشارت الدراسات أيضا إلى أن البكتريا الفموية وسمومها المنتشرة بالجسم تزيد من مخاطر الإصابة بالعدوى البكتيرية، وسمومها تسبب التهابات في مناطق متعددة بالجسم مثل الكليتين والعضلات والأغشية المخاطية المبطنة للمفاصل.
كما أشارت عدة دراسات إلى ارتباط الالتهابات المتكررة في اللثة بزيادة فرصة الإصابة بمرض الروماتويد المفصلي، وهو أحد أمراض المناعة الذاتية المسبب لالتهابات وتلف المفاصل، وأكدت فحوصات الأنسجة تشابه التلف الذي يصيب النسيج الضام في أمراض اللثة بالتلف الناتج عن الإصابة بمرض الروماتويد المفصلي.
وأكدت الإحصائيات أن المصابين بمرض الروماتويد المفصلي يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض الفم واللثة بما يعادل ثمانية أضعاف الأشخاص الذين لا يعانون من هذا المرض، لعدة أسباب، منها معاناة مرضى الروماتويد المفصلي من مشكلات تتعلق بقدرتهم على استخدام الفرشاة وخيط تنظيف الأسنان والسواك نتيجة الإعاقة التي تصيب المفاصل المسؤولة عن حركة اليدين.
كما زفت الدراسات خبرا سارا لمرضى الروماتويد المفصلي، يفيد بأن التخلص من التهابات اللثة، والمحافظة على نظافة وصحة الفم والأسنان، يساهم بقدر كبير في الإقلال من حدة الألم والالتهابات المفصلية المصاحبة للمرض.
ذاكرة قوية
* الاحتفاظ بذاكرة قوية. حرصا على الاحتفاظ بذاكرة قوية تنفع الإنسان مع تقدم سنوات العمر، أكد الباحثون على ضرورة الاحتفاظ بفم صحي خلال سنوات العمر المختلفة، فقد أكدت الدراسات أن البالغين الذين يعانون من التهابات وتورم ونزيف باللثة يكونون أقل كفاءة في اختبارات الذاكرة والمهارات المعرفية مثل إعادة تكرار الألفاظ والعمليات الحسابية مقارنة بأقرانهم الذي يتمتعون بفم سليم خالٍ من الأمراض.
* المحافظة على استقرار سكر الدم. المعروف أن الإصابة بالسكري تقلل مناعة الجسم لمقاومة الالتهاب والعدوى، لذلك فإن مرضى السكري أو المرضى الذين يعانون من عدم انضباط السكري بالدم أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الفم المتكررة وأمراض اللثة الحادة والمزمنة. كما أكدت الدراسات أيضا على العلاقة بين التهابات الفم واللثة ومقاومة الجسم لهرمون الأنسولين وعدم القدرة على ضبط مستويات السكري بالدم وزيادة احتياج مريض السكري إلى جرعات إضافية من الأنسولين. لذلك ينصح خبراء الصحة مرضى السكري بضرورة المحافظة على مستوى السكري بالدم قريبا من المستويات الطبيعية، كما ينصح بالزيارة المنتظمة لطبيب الأسنان لمداواة التهابات الفم واللثة، خصوصا الحالات التي تعاني من عدم انضباط سكر الدم أو مقاومة الجسم للأنسولين.
* الإقلال من مخاطر الولادة المبكرة. إن المرأة أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الفم واللثة أثناء الحمل نتيجة التغيرات الهرمونية، وقد أكدت دراسات كثيرة على العلاقة بين أمراض اللثة وولادة طفل ناقص الوزن، أو التعرض لمخاطر الولادة المبكرة، ويرجح الباحثون أن تكون الالتهابات والعدوى البكتيرية أحد أسباب هذه العلاقة. لذلك يؤكد الخبراء على ضرورة اهتمام الحامل بصحة وسلامة الفم والأسنان من أجل الوصول إلى صحة جيدة للأم والطفل على حد سواء، كما أكدت توصيات الجمعية الأميركية لصحة الفم والأسنان على ضرورة إدراج زيارة طبيب الأسنان ضمن زيارات متابعة الحمل.
نصائح صحية
* للمحافظة على صحة الفم والأسنان، تنصح الجمعية الأميركية لصحة الفم والأسنان باتباع النصائح العشر التالية:
1. تدريب الأطفال منذ الصغر على السلوكيات الإيجابية للحفاظ على صحة الفم والأسنان.
2. الحرص على زيارة طبيب الأسنان بصفة دورية (مرة على الأقل سنويا).
3. الحرص على تنظيف الأسنان بالفرشاة بعد تناول الطعام وقبل النوم، ويمكن وضع نقاط قليلة من زيت النعناع أو زيت شجرة الشاي على فرشاة الأسنان للشعور بالانتعاش، بالإضافة إلى خصائصها المطهرة والمضادة للبكتريا والفطريات، كما يجب مراعاة تغيير فرشاة الأسنان بصفة دائمة كل ثلاثة أشهر تقريبا.
4. استخدام خيط التنظيف بين الأسنان مرتين على الأقل يوميا مع مراعاة الاستخدام السليم بطريقة لا تسبب التلف أو الأذى لأنسجة اللثة.
5. يفضل استخدام غسول مناسب لتطهير الفم للتخلص من بقايا الطعام والبكتريا المتراكمة بين الأسنان، كما ينصح باستخدام السواك بصفة منتظمة، كلما أمكن ذلك.
6. الحرص على مضغ العلكة (اللبان) الخالي من السكر مع مراعاة استخدام العلكة المحتوية على مادة «زيليتول» المطهرة للفم والمضادة لتسوس الأسنان والتهابات اللثة.
7. الاهتمام بتنظيف اللسان باستخدام منظف خاص مصمم خصيصا ليتلاءم مع النسيج الرخو للسان، خصوصا السطح الخلفي الأكثر عرضة للجفاف وتراكم بقايا الطعام وإفرازات خلف الأنف (يمكن استخدام فرشاة الأسنان العادية لهذا الغرض لكنها أقل فعالية).
8. تجنب جفاف الفم بالإكثار من تناول الماء والابتعاد عن العقاقير المسببة لجفاف الفم، مثل مضادات الاحتقان والهستامين والاكتئاب والمسكنات، لأن الجفاف المزمن بالفم يتسبب في تسوس الأسنان والتهابات اللثة، لأن اللعاب يساعد على تنظيف الفم والتخلص من بقايا الطعام، بالإضافة إلى احتوائه على مواد كيميائية مقاومة للبكتريا والفطريات الموجودة بالفم.
9. تجنب التوتر والقلق الذي يؤدي إلى رفع مستوى هرمون «الكورتيزون» الذي يتسبب في نخر اللثة والأسنان، كما أن العادات السيئة المرتبطة بالتوتر مثل التدخين وتناول الكحوليات والإكثار من تناول السكريات وطحن الأسنان تزيد مخاطر الإصابة بمشكلات الفم واللثة والأسنان.
10. الاهتمام بتناول غذاء متوازن يحتوي على الكربوهيدرات المركبة والبروتينات، بالإضافة إلى الأملاح المعدنية والفيتامينات الهامة لصحة الفم والأسنان، خصوصا الكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم والماغنسيوم وفيتامين «سي» ومضادات الأكسدة، مع ضرورة تجنب السكريات والنشويات والدهون الضارة.
المصدر: الشرق الاوسط