الصحة العامة

التهاب الجلد التأتبي (الأكزيما) هو المرض الجلدي الأكثر انتشارا لدى الرضع والأطفال

الأكــزيـمــا .. عـنـدمــا يـمــل الـحــاكّ مـن الـحــكّ

كل منا يعرف قساوة لدغة النحلة ومدى قوة الخدش المزعج الناجم عنها، والذي قد يصل في نهاية المطاف إلى سيلان الدم من الجلد، فما بالك بالمعاناة التي يعيشها المصابون بالتهاب الجلد التأتبي أو ما يعرف بـ”الأكزيما” والتي قد ترافقهم طيلة الحياة.

مقالات ذات صلة

ويصف شتيفان ميلر -وهو طبيب متخصص في الأمراض الجلدية من المستشفى الجامعي في مدينة دوسلدورف الألمانية- المعاناة اليومية للأطفال المصابين بمرض “الأكزيما”، فيقول إنه تم تسجيل فيديو لطفل مصاب به في الليل، وفيه يظهر كيف لم يعرف هذا الطفل أية دقيقة هادئة، إذ كان يحكّ جلده طيلة الوقت كله، دون وعي بذلك أثناء نومه.

ويعاني ما بين 10% و15% من الأطفال في ألمانيا من مرض “الأكزيما”، ونحو 3% من البالغين، وتوجد نفس النسبة من المرض في أوروبا، فيما لا توجد أية إحصاءات عالمية حول عدد المصابين بهذا المرض حتى الآن. وهذا المرض متفش في البلدان الصناعية بالأساس، ويعد التهاب الجلد التأتبي -وهو التهاب مزمن في الجلد- المرض الجلدي الأكثر انتشارا لدى الرضع والأطفال.

وأسوأ أعراض هذا المرض هو الخدش بقوة قد تصل بالمريض إلى حافة اليأس ومعاناة شديدة، ليس بالنسبة للطفل فقط، وإنما أيضا بالنسبة للوالدين، والحل الوحيد هو أن يرتدي الطفل قفازات خاصة لكي لا يجرح جلده أثناء الخدش القوي.

جفاف واحمرار وتقشر

ويكون جلد المصاب بمرض “الأكزيما” جافا للغاية ولونه أحمر بالإضافة إلى أنه كثير التقشر. وغالبا ما يخدش المصابون أنفسهم بقوة إلى درجة يسيل معها الدم من جلودهم، مما يتسبب بدوره في المزيد من الجروح التي تشكل ملاذا آمنا للبكتيريا التي تتسبب بدورها في التهابات حادة.

وللخروج من هذه الدوامة والسيطرة على الالتهاب والتخفيف من الخدش تستعمل في كثير من الأحيان مادة “الكورتزون”، وذلك عادة على شكل مراهم أو كريمات. ولكن الكورتزون له أيضا آثار جانبية، إذ قد يجعل الجلد رقيقا والأوعية الدموية أكثر حساسية، وبالتالي يمكن أن يتسبب في تعرض الجلد بشكل أسرع للإصابة بالتهابات. لذلك فإن الكورتزون ليس اختيارا صحيحا كدواء دائم، ولكن للأسف لا يمكن التخلي عنه في الحالات الحادة.

وعادة يكون مسار مرض “الأكزيما” مصحوبا بانتكاسات، وكل انتكاسة تأتي على شكل التهاب يرافقه الخدش القوي. أما عن مدة استمرار هذه الانتكاسات ومدى قوتها فتختلف من حالة لأخرى، وبالنسبة للكثيرين تضعف قوة هذه الانتكاسات مع تقدمهم في العمر.

ويمكن إخماد أعراض “الأكزيما” ولكن ليس من الممكن علاجها، وذلك كما يوضح ميلر الذي يشير إلى أن التهاب الجلد التأتبي هو مرض طبيعي يمكن أن يصيب أي شخص، والجينات هي التي تحدد في حالات معينة وحسب عوامل خاصة ما إذا كان الشخص سيصاب به طوال حياته أم لا، مؤكدا أن الإصابة بهذا المرض لا يمكن تفاديها، كما لا يمكن التعافي منه.

ويتعين على المصابين بـ”الأكزيما” تجنب ارتداء الأقمشة الخشنة على غرار الصوف، وهناك ملابس خاصة تحتوي على عينات من الفضة ملائمة للمصابين بهذا المرض، وذلك لأن للفضة خصائص مضادة للجراثيم، وبالتالي تسهم في تقليص حدوث انتكاسات إلى أدنى مستوى ممكن.

مرض غير معد

وتعتبر “الأكزيما” من الأمراض غير المعدية، ولكن احمرار الجلد والتهابه يخيف الكثيرين ويدفعهم للاشمئزاز من المصابين بهذا المرض، ويعاني الأطفال خاصة من ردود الأفعال هذه.

وتظهر أعراض “الأكزيما” عند الرُضع في الغالب على الوجه والذراعين والساقين، ولكن أيضا على الظهر، وفي أسوأ الأحوال على الجسم كله. ومن العلامات المبكرة على ظهور هذا المرض الجلدي قد يكون ما يُسمى “قبعة المهد” والتي تتسم بظهور قشرة على الرأس والتي نجدها عند الكثير من الرضع. وتختفي هذه التغيرات الجلدية عادة بعد مرحلة الطفولة، ولكن ليس دائما، في هذه الحالة تتبعها اضطرابات جلدية في المرفقين وخلف الركبتين والرقبة.

ولا تزال الأسباب الحقيقية لمرض الالتهاب الجلدي غير معروفة. ولكن المعروف أن هناك عوامل قد تؤدي إلى ظهورها، على غرار الإجهاد والحساسية أو حتى البكتيريا والفطريات التي تعيش على الجلد، وذلك وفقا للدكتور ميلر الذي يضيف أن المرض قد يكون أيضا نتيجة لبعض السموم البيئية الناتجة عن الانبعاثات الغازية للمصانع والسيارات.

وليس الألم الناتج عن الالتهاب الشيء الوحيد الذي يعاني منه المصابون، وإنما أيضا الخدش والحك المستمر والذي يشكل إزعاجا كبيرا لهم. وقد ابتكر الأطباء جهازا لقياس درجات الألم لتحديد قوة الخدش، ويشرح ميلر أنه تستخدم نتائج هذا الجهاز في الدراسات لتحديد درجات الألم عند كل مريض على مقياس من واحد إلى عشرة، كما أن حالات الألم ليست هي نفسها، فهي تختلف في نوعيتها أيضا.

ويحاول الأطباء المختصون من خلال هذه الدراسات التمييز بين كل حالة وأخرى لمعرفة المزيد عن هذا المرض الجلدي بهدف تطوير علاج للتخفيف بعض الشيء من معاناة المصابين بمرض “الأكزيما”.

المصدر / الجزيرة نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى