الصحة العامة

جراثيم في القناة الهضمية.. قد تتسبب في حدوث السمنة.

وباء السمنة المتفشي في العالم قاتل، ولا يميز بين شخص وآخر. ولكن هل ندرك حقا كل العوامل وراء هذا الاتجاه المثير للانزعاج؟
إن مفهوم توازن الطاقة (الطاقة المستهلكة = الطاقة المبذولة + الطاقة المخزونة) غير قابل للشك، وقد تم استنباطه من قانون الديناميكا الحرارية الأساسي. وبالتالي لا يوجد تناقض، فتناول السعرات الحرارية بإفراط وتراجع مستويات النشاط البدني هما الأسباب الرئيسية وراء تزايد محيط الخصر.

لكن على الرغم من ذلك، فإن العلماء لا يزالون في حيرة حول السبب في تعرض بعض الأفراد للإصابة بالسمنة، وما إذا كان هناك أي شيء – بخلاف خفض السعرات الحرارية وممارسة النشاط البدني – يمكن القيام به لمنع أو التخلص من الوزن الزائد في الشعوب التي تعاني خطرا.
بكتيريا الأمعاء عرف علماء الفسيولوجيا منذ زمن بعيد أن أمعاءنا تمتلئ بالبكتيريا الحية، بعض منها يوفر مواد مفيدة (كفيتامين ب 12 على سبيل المثال) للجسم المضيف، بيد أن الدراسة التي أجريت على مدار العقد الماضي تفترض أن تلك الكائنات الحية التي يطلق عليها جراثيم الأمعاء، تلعب دورا في صحة الإنسان أكبر مما كان متصورا في السابق.
من المثير في الأمر احتمالية تأثير مزيج البكتيريا الذي يولد به الإنسان بشكل مباشر على خطر الإصابة بالسمنة، إذ يوجد لدى الأشخاص البدناء ميكروبات ذات خصائص مختلفة في أمعائهم عن الأشخاص النحفاء، كما وجد العلماء أن البكتيريا الشائعة التي تسبب السمنة قد تؤيض (تؤدي مهمة التمثيل الغذائي) الطعام بشكل يجعلنا نكتسب سعرات حرارية أكثر منه ونخزن هذه السعرات كدهون.
لتحديد ما إذا كان تبديل خصائص البكتيريا قد يغير من خطر الإصابة بالسمنة، نقل باحثون في المعهد الفرنسي للبحوث الزراعية (INRA) البكتيريا المعوية لفئران تميل للبدانة، أو فئران لديها مقاومة للبدانة، إلى أمعاء فئران خالية من الجراثيم، أي لا توجد لديها بكتيريا في القناة الهضمية بصورة طبيعية. وتم إطعام بعض الحيوانات فيما يشبه نظاما غذائيا منتظما، بينما تم السماح لحيوانات أخرى بالتهام كميات غير محدودة من الطعام الذي يحتوي على سعرات عالية، حيث تمت مراقبة نسبة اكتساب السعرات الحرارية والوزن على مدار 8 أسابيع، كما تم تحليل عينات من الأمعاء لمعرفة العلامات الفسيولوجية لعملية الأيض وآليات التغذية الطبيعية التي تلعب دورا في الحفاظ على توازن الطاقة.
«بكتيريا البدانة» وكما هو مفترض، فقد التهمت الفئران التي نقلت إليها بكتيريا معوية من حيوانات تميل للبدانة طعاما أكثر، واكتسبت وزنا زائدا، وأصبحت أكثر بدانة من الفئران التي نقلت لها بكتيريا من حيوانات تقاوم أجسامها البدانة. وظهر على الحيوانات التي نقلت لها بكتيريا معوية من حيوانات تميل للبدانة تغيرات في مجسات المغذيات المعوية ومستويات ببتيد القناة الهضمية، الذي أثر على كيفية استجابة الحيوانات للطعام.
وتضمنت النتيجة التي توصل إليها مؤلفو الدراسة ثلاث نقاط، أولا: أشاروا إلى أن الأشخاص البدناء الذين يميلون إلى الإفراط في تناول الطعام، قد تكون لديهم بكتيريا ذات خصائص معينة تؤدي إلى زيادة الوزن. ثانيا: يعتقد الباحثون أن الاختلافات في البكتيريا المعوية قد تكون مرتبطة بتغيرات في السلوك وتزايد مقدار تناول الطعام. وأخيرا يعتقد الباحثون أن خليطا من البكتيريا التي قد تحويها الأمعاء قد يؤثر على قدرة الفرد على الشعور والتجاوب مع تناول الوجبة بشكل ملائم. ويأمل الباحثون في التوصل إلى طرق لتعديل خواص البكتيريا المعوية، خاصة للأشخاص الذين يعانون خطر الإصابة بالسمنة، حتى يكون بإمكانهم الحفاظ على وزن صحي لأجسامهم.
وتم نشر نتائج الدراسة في 23 أبريل (نيسان) عام 2012 في سان دييغو، كاليفورنيا كجزء من البرنامج العلمي للجمعية الأميركية للتغذية.

المصدر/ الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى