هكذا دخل “كورونا” مستشفى الملك فهد بجدة
*الضغط الشديد على الطوارئ أدى لتلاصق أسِرة المرضى وسرعة انتقال الفيروس
*مصابان بكورونا دخلا الطوارئ ومكثا أسبوعين قبل اكتشاف حالتهما
*المريضان تسببا في نقل العدوى لخمسة آخرين قبل أن يتوفيا
*لم أعتمد على الأعشاب إلا يوماً واحداً.. ولقاء القناة الفضائية سبب سوء الفهم
*رضخت لضغوط عائلتي وقررت التقاعد بعد 35 عاماً من العمل.. وسأتفرغ للعمل الخيري والتطوعي
روى رئيس قسم القلب بمستشفى الملك فهد بجدة، الدكتور عثمان متولي، قصة دخول فيروس “كورونا” لطوارئ المستشفى، الشهر الماضي، عندما تسبب في إصابة ووفاة عدة حالات، قبل إغلاقه عدة أسابيع لتعقيمه وتطهيره من الفيروس.
وقال الدكتور متولي، الذي شُفي من الفيروس بعد صراع تواصل لمدة 14 يوماً كان خلالها في إحدى غرف العزل بالمستشفى: منذ عام ونصف تم الانتهاء من توسعة ضخمة لقسم الطوارئ بالمستشفى ما أدى لزيادة مهولة للمرضى الذين يأتون من عدة مناطق مختلفة بالمملكة طلباً للعلاج، وبات القسم يعج بأعداد كبيرة منهم وبدلاً من تطبيق المعايير الطبية التي تقدر المسافة بين كل سرير وآخر بمتر ونصف، صارت المسافة أقل منذ ذلك، وأصبح المريض يمكث عدة أيام لتلقي العلاج بعد أن كان لا يستغرق إلا 8 ساعات فقط، رغم المحاولات الحثيثة من إدارة المستشفى إلا أن الحشود لم تخف إطلاقاً.
وأضاف: في إجازة المدارس التي انتهت مؤخراً وتحديداً في جماد أول دخلت الطوارئ حالتان لمريضين سعوديين مكثا عدة أيام ولم تكتشف إصابتهم بكورونا إلا بعد أسبوعين، وكانا قد تسببا في إصابة 3 مرضى كانوا معهم في غرفة الطوارئ، وطبيب وممرضتين كانا يطببانهما، قبل أن يتوفى المريضان بعد عدة أسابيع.
وتابع: خلال تلك الفترة تم تحويل مريضي طوارئ لقسم القلب بمبرر إصابتهما بضعف في عضلة القلب، ورغم محاولة إقناعهم بأن أعراضهما اشتباه كورونا إلا أن الفريق الطبي حوله إلينا وحوّل بعد عدة أيام مريضاً آخر بكورونا للقسم، بسبب مشاكله القلبية ولم نكتشف إصابته إلا لاحقاً.
وأكمل: لا يمكن لوم الفريق الطبي لأن ما حدث شيء لم يسبق مواجهته بهذا الشكل طوال عشرات السنوات التي قضاها الأطباء في المستشفى المكتظ بالمرضى أو في مواسم الحج التي يتوافد فيها ملايين الحجيج.
وعن إصابته بالمرض تحدث قائلاً: مريض كورونا الثالث الذي تم تحويله لقسم القلب فحصته بعد أن وضعت كل الاحتياطات اللازمة، وكان ذلك مساء الخميس الموافق 3/ 6 وغادرت لمنزلي ومكثت ثلاثة أيام التقيت خلالها زوجتي وأقاربي ولم أشعر بشيء إلا رابع يوم، حيث بدأت الحرارة تشتد علي حتى هاتفني مدير المستشفى الدكتور سمان قبل ظهور النتائج، وأصر على تنومي لأن الأعراض جميعها تشير لإصابتي بكورونا، وهذا ما تأكد لاحقاً.
وواصل: مكثت في المستشفى 14 يوماً كانت من أصعب أيام حياتي، فقد أوشكت على الهلاك، ولكن لطف الله أنقذني، ثم اتباعي للعديد من الإرشادات التي ساهمت في طرد الفيروس ولله الحمد، حيث كانت البداية بدرجة حرارة عالية جداً لا تنزل عن 39 وتكسر في العظام وإسهال شديد، وكنت منهاراً نفسياً قبل أن أتلقى دعماً نفسياً من زوجتي وأشقائي وزملائي في القسم، وقاومت الفيروس بشدة حتى شفيت منه، ولله الحمد.
وعن تفاصيل تلك الإرشادات، قال: حاولت تطبيق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الوضوء، خصوصاً في تخليل الماء بين الأصابع وفرك اليدين بقوة والاستنشاق ثلاثاً والمضمضة ثلاثاً، وجميعها كانت بقوة وكنت أطبقها أيضاً بعد وقبل تناول الطعام.
واستطرد: كنت أتمضمض بماء زمزم وأحرص على أن أرتوي منه بشكل مستمر إضافة لملعقة عسل أصلي كل صباح ومساء، مع التسوك وأكل التمر وشرب العصائر الطازجة.
ونفى الدكتور متولي ما يتردد عن استخدامه لأعشاب معينة ساهمت في شفائه، وقال: للأسف خرجت لثوان في إحدى القنوات الفضائية ولم يمنحوني الوقت الكافي لشرح ما قمت به من إجراءات، وقد عرض علي بعض المحبين عدداً كبيراً من أنواع الأعشاب لم أتناولها إطلاقا، باستثناء العلاج الذي قدمه لي البروفيسور فيصل بغدادي الأستاذ في جامعة أم القرى، وهو عبارة عن شراب مغلي مكون من الماء والحلبة والشمر واليانسون والكمون بمقدار 300 جرام شربته على ثلاث مراحل في يوم واحد فقط، وساهم في تنظيف كامل للجهاز الهضمي، وفي غضون 24 ساعة توقف الإسهال وهبطت درجات الحرارة بمعدل أقل من السابق، وهذا كان بالتأكيد جنباً إلى جنب مع العلاجات والمضادات الفاعلة التي كان يقدمها لي فريق طبي متكامل كان يزورني مرتين يومياً ويتابع حالة كل مرضى كورونا لحظة بلحظة حتى خفت كل الأعراض ولله الحمد وخرجت من المستشفى منذ عدة أيام.
ويستذكر رئيس القسم الطبي بمستشفى الملك فهد تلك الأيام العصيبة ويقول: كنت لا أنام إلا ساعة ونصفاً يومياً، وأحاول إشغال نفسي بقراءة القرآن الكريم، وكان الزوار يأتون إلي من الأقارب والأصدقاء وأمنع اقترابهم لي لأقل من مترين، رغم أخذهم لكافة الاحتياطات، وتعاونت لأقصى درجة مع الطاقم التمريضي الذين كانوا مرعوبين للغاية خوفاً من انتقال هذا المرض الغريب، ولكنهم أدوا عملهم بكل إخلاص وتفان وكانوا من الطواقم الأميز التي رأيتها خلال حياتي العملية.
ويختم الدكتور متولي حديثه ناصحاً المواطنين بقوله: عليكم بالاهتمام بالنظافة الشخصية والوضوء وفقاً للسنة النبوية، والبعد عن الهلع، ويجب تعليم الأطفال أن لمس اليد قبل أن تغسل بالماء والصابون لأي منطقة في الوجه خصوصاً العين والأنف والفم، قد تعرضه لانتقال هذه الفيروسات، وهذا الأمر هو ثقافة صحية يجب أن يتقيد بها كافة أفراد المجتمع إضافة إلى الحرص على الأكل الطازج والخضروات والفواكه الطازجة، فهي خير وسيلة لرفع المناعة وليس الثوم الذي قد يؤدي الإكثار منه إلى سلخ الأمعاء.
وكشف الدكتور متولي عن نيته التقاعد بعد التجربة المريرة التي عاشها مع المرض وقال: خبرتي تتجاوز الـ 35 عاماً، نجحت خلالها ولله الحمد في تسجيل العديد من المنجزات الطبية للمملكة، وتجهيز العديد من المراكز الطبية، ومنذ عدة أعوام كانت عائلتي تضغط علي من أجل التقاعد والراحة، وكنت أرفض، ولكن هذه المرة يبدو أنني سأضطر للرضوخ لطلباتهم والتفرغ للأعمال الخيرية والتطوعية.
المصدر / صحيفة سبق