الفحص الجراحي لغدة البروستاتا وتوقعات تشخيص السرطان فيها
تتناول هذه المقالة بعض الفوائد والأخطار والشكوك المتعلقة بالعملية التشخيصية التي يمكن أن توضح لك ما إذا كنت مصابا بسرطان البروستاتا أم لا.
إن فحص سرطان البروستاتا الدوري باستخدام اختبار «مولد المضادات الخاص بالبروستاتا» أو «المستضد البروستاتي النوعي» (Prostate-Specific Antigen — PSA) يهدف إلى اكتشاف الإصابة بالسرطان قبل ظهور الأعراض، حيث إن العلاج في هذه المرحلة المبكرة قد يكون أكثر فعالية – وإن كان من الصعب إثبات ذلك – إلا أن نتائج هذا الاختبار ليست مؤكدة على الإطلاق، ذلك أن القيمة العالية له لا تؤكد وجود السرطان – فهي لا تؤكد سوى أن السرطان قد يكون موجودا – لأن هناك أشياء أخرى بخلاف السرطان يمكن أن تؤثر على النتائج التي توصل إليها الاختبار.
* فحص «جراحي»
* لا شيء يمكنه أن يؤكد وجود السرطان فعليا، سوى أخذ خزعة «biopcy» (أي استئصال جزء صغير جدا) من البروستاتا لفحصها. ويتطلب ذلك استئصال أجزاء صغيرة من نسيج البروستاتا باستخدام إبرة ثم فحصها تحت المجهر بحثا عن أي خلايا سرطانية. وما زال الفحص الجراحي للبروستاتا – مهما كان يبدو روتينيا – يمثل عملية جراحية لها مخاطرها، فإبرة الاستئصال تمر عبر جدار المستقيم من أجل الوصول إلى البروستاتا، مما قد يؤدي إلى انتشار البكتيريا أو حدوث عدوى لغدة البروستاتا أو مجرى الدم، كما توجد أخطار أخرى من بينها الشعور بالألم والانتصاب أو حدوث مشكلات في التبول.
وقبل الموافقة على إجراء فحص جراحي ينبغي أن تعلم ما الذي ينتظرك، وما الذي يمكن أن يترتب على ذلك بناء على النتائج. ويقول د.مارك غارنيك، وهو إخصائي في سرطان البروستاتا لدى «مركز الشماس بيث إسرائيل الطبي» التابع لجامعة هارفارد «إذا كنت قد قررت إجراء اختبار المستضد البروستاتي النوعي في المقام الأول الذي يقود في ما بعد إلى إجراء فحص جراحي، فلتعلم أن الفحص الجراحي قد يظهر وجود السرطان. وبعد ذلك ستساعدك النتائج المحددة للفحص الجراحي على أن تفهم حالتك بصورة أفضل والقرارات التي تحتاج إلى اتخاذها. وتعتبر نتائج الفحص الجراحي من أهم العوامل التي سيحتاج المرضى إلى وضعها في الاعتبار عند تحديد ما ينبغي عليه فعله في حال العثور على سرطان البروستاتا».
* عملية الفحص
* سوف يشرح لك طبيبك كيفية التهيؤ للفحص الجراحي، بما في ذلك إمكانية استعمال حقنة شرجية في يوم العملية. وأثناء إجراء هذه العملية يقوم الطبيب بإدخال مجس يعمل بالموجات فوق الصوتية داخل المستقيم كي يلتقط صورة لغدة البروستاتا، التي تستقر على الجانب الآخر من جدار المستقيم، ثم يقوم الطبيب بسحب عينات من البروستاتا باستخدام «مسدس فحص جراحي» (biopsy gun) زنبركي مسترشدا بالصورة الملتقطة بالموجات فوق الصوتية، ويطلق هذا الجهاز بصورة سريعة إبرة مدببة عبر جدار المستقيم وداخل البروستاتا، وهذه الإبرة تقوم بإزالة أجزاء أسطوانية دقيقة من الخلايا. ويستأصل الفحص الجراحي العادي 10 إلى 12 جزءا (عادة ما تكون 5 إلى 6 أجزاء من كل جانب من غدة البروستاتا)، وبعض الأطباء قد يجرون فحوصات جراحية قائمة على «التشبع»، حيث يجمعون خلالها ما بين 20 و30 عينة أو أكثر.
وحتى إذا تم إعطاؤك حقنة مخدر في غدة البروستاتا أولا، فقد يظل لديك الشعور بوخز خفيف أثناء اختراق الإبرة لغدة البروستاتا وسحب العينة. ومعظم الرجال لا يشعرون سوى بإحساس بسيط أو معتدل بالضيق، إلا أن البعض يرون أن هذه التجربة غير سارة بما يكفي لجعلهم غير راغبين في تكرارها مرة أخرى. وتستغرق العملية بكاملها نحو 20 دقيقة، وبعد الفحص الجراحي قد ينصحك الطبيب بتناول مضاد حيوي من أجل منع العدوى.
* الآثار اللاحقة والمخاطر
* قد تشمل الآثار السلبية اللاحقة المترتبة على الفحص الجراحي للبروستاتا ما يلي:
* ظهور دم في البول أو البراز لمدة تصل إلى أسبوع
* نزيف في المستقيم على المدى القريب
* ظهور دم في السائل المنوي لمدة 4 إلى 6 أسابيع
* صعوبة في التبول
* عدم انتظام التبول (لدى 10 في المائة من الرجال) وسوف يسألك طبيبك عما إذا كنت تتناول أي مخففات للدم أو الأسبرين، إذ لا بد من تغيير هذه الأدوية على وجه العموم أو التوقف عنها مؤقتا قبل الفحص الجراحي، حسب الظروف المعينة الخاصة بك. ومن المهم جدا بحث هذا الموضوع مع طبيبك.
وفي حالة حدوث عدوى في مجرى البول أو غدة البروستاتا فسوف يتطلب ذلك علاجا بالمضادات الحيوية. وتتوقف فرص العدوى على عوامل فردية، غير أن إجمالي 1 إلى 3 في المائة من الرجال يصابون بعدوى عقب الفحص الجراحي. وتتمثل مؤشرات الخطر في الحمى أو الشعور بالبرد المصحوب برعشة في غضون 24 إلى 36 ساعة الأولى بعد الفحص الجراحي. وإذا ظهرت هذه المؤشرات اتصل بطبيبك على الفور، إذ لربما تحتاج إلى علاج عاجل قد يصل في بعض الحالات إلى دخول المستشفى.
* نتائج الفحص الجراحي
* ويستغرق الأمر نحو الأسبوع كي يصدر تقرير الفحص الجراحي، وإذا كان الفحص الجراحي مؤكدا فإن ذلك يعني أنه يؤكد وجود سرطان في البروستاتا. ويحتوي التقرير المختبري على معلومات عن خصائص الإصابة المرضية بالسرطان ومداها (عدد الأجزاء التي تم سحبها) ومكانها (الذي يتحدد بمكان الأجزاء المؤكدة) ونسبتها الكلية في كل جزء من الأجزاء، وهذا يساعد طبيبك على تحديد السلوك المستقبلي المحتمل للسرطان – أي ما إذا كان يمكن أن ينتشر سريعا على سبيل المثال – وبالتالي معرفة الخطوات المناسبة التالية، بما في ذلك العلاج.
أما إذا جاءت نتيجة الفحص الجراحي سلبية – أي في حالة عدم العثور على أي خلايا سرطانية في العينات – فليس معنى ذلك بالضرورة ألا تكون مصابا بالسرطان، فربما يكون السرطان كامنا في منطقة لم تؤخذ منها أي عينات أثناء الفحص الجراحي، ونحو 10 في المائة من الفحوصات الجراحية تكون من هذا النوع «السلبي الزائف»، مما يعني أنها قد تغفل عن السرطان الموجود.
* اختبار إضافي
* وربما ينصحك طبيبك بإجراء اختبار إضافي إذا ظلت نتيجة اختبار «المستضد البروستاتي النوعي» الذي أجريته عالية رغم أن الفحص الجراحي كان سلبيا، وبعض الأطباء يلجأون إلى اختبار «PCA3» من أجل هذا الغرض، وهذا الاختبار يفحص البول بحثا عن الأسباب المؤدية إلى ظهور «PCA3»، وهو جين وراثي يكون أكثر نشاطا في الخلايا السرطانية التي تنمو في البروستاتا.
وإذا ظل اختبار «المستضد البروستاتي النوعي» الخاص بك عاليا بعد الفحص الجراحي وكان اختبار «PCA3» عاليا هو الآخر، فالأرجح هو أن إجراء فحص جراحي ثان سوف يثبت وجود إصابة سرطانية. وبعض الأطباء يلجأون أيضا إلى اختبار «PCA3» لتحديد ما إذا كان الفحص الجراحي مطلوبا من الأصل أم لا، رغم أن هذا الاستعمال للاختبار لم يحصل على موافقة من «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية.
وتكرار إجراء الفحوصات الجراحية يعني زيادة التكاليف البدنية والنفسية والمالية، ومن الممكن أن يؤدي تكرارها إلى خلل في عملية الانتصاب ومشكلات طويلة الأمد مع التبول، مثل صعوبة خروج البول وتكرار الحاجة إلى التبول أثناء الليل. وبالنسبة للرجال فإن الفحص الجراحي للبروستاتا يمثل فرصة للتأكد من الإصابة بالسرطان أو استبعادها، وهو أمر لا يمكن لاختبار «المستضد البروستاتي النوعي» أبدا القيام به. ولكن لا تنس أن هذه العملية تجلب مخاطر وشكوكا وقرارات جديدة، إذ يوضح د.غارنيك «إذا كنت قد أجريت اختبار المستضد البروستاتي النوعي ثم أتبعته بفحص جراحي أثبت الإصابة بالسرطان، فسوف يكون من الضروري القيام بمجموعة أخرى من القرارات والدراسات قبل أن يكون في مقدورك أنت وطبيبك تحديد ما ينبغي فعله مع هذا السرطان».
المصدر/ الشرق الأوسط.