الصحة العامة

نقص نشاط الغدة الكظرية لدى الأطفال

أسباب خلقية أو مكتسبة تؤدي إلى حدوث اعتلال صحي لديهم

* ربما يبدو اسم الغدة الكظرية Adrenal Gland غير مألوف للكثير من الناس مقارنة بغيرها من الغدد الصماء مثل الغدة الدرقية على سبيل المثال. وتسمى هذه الغدة أيضا «الغدة الجاركلوية» باللغة العربية أو «فوق الكلوية» suprarenal gland وهي التسمية الصحيحة تبعا لوضعها التشريحي فوق الكليتين.

*  هرمونات الغدة الكظرية تقوم الغدة الكظرية بإفراز عدة هرمونات تتحكم في الكثير من الوظائف الحيوية بالجسم. ويعتبر الكورتيزون الطبيعي الذي يفرزه الجسم أحد هذه الهرمونات، ويلعب دورا مهما في الكثير من العمليات الحيوية مثل ضغط الدم ومستوى السكر في الدم والنبض والكثير من الوظائف المهمة، كما تفرز الغدة هرمونا آخر يقوم بتنظيم مستوى الأملاح والمعادن بالجسم وخاصة الصوديوم والبوتاسيوم وهما يلعبان دورا مهما في الكثير من وظائف الجسم.

ويتم التحكم في إفراز الكورتيزون من الغدة الكظرية عن طريق هرمون معين من الغدة النخامية الموجودة بالمخ والتي تقوم بتحفيز الغدة الكظرية لزيادة إفراز الكورتيزون في حالة نقصه أو تقوم بتثبيط عملها في حالة زيادته، ويتم التحكم في نشاط الغدة النخامية عن طريق هرمون يتم إفرازه من الجزء الموجود في المخ والمسمى بتحت المهد أو الهيبوثالمث hypothalamus بنفس الطريقة، بمعنى التحفيز في حالة النقص والتثبيط في حالة الزيادة.
*  نقص نشاط الغدة يعتبر مرض نقص نشاط الغدة الكظرية Adrenal Insufficiency من أشهر أمراض الغدد في الأطفال، ويسمى العرض أيضا بمرض إديسون Addison Disease نسبة للطبيب الإنجليزي توماس إديسون الذي شخص أعراض النقص على أنها مرض مستقل في منتصف القرن التاسع عشر.

أما أسباب نقص نشاط الغدة الكظرية، فقد تكون خلقية سواء في الغدة الكظرية نفسها أو في الغدة النخامية التي تتحكم في عمله، أو مكتسبة. تحدث الأسباب المكتسبة للكثير من الأسباب، وفي الأغلب يكون نتيجة لأسباب علاجية حيث إن كثرة التعرض للكورتيزون الخارجي لعلاج مرض معين يمكن أن تثبط من نشاط الهرمونات المتحكمة في تنظيم عمل الغدة الكظرية. وفي بعض الأحيان خاصة في الدول المتقدمة يمكن أن يكون السبب هو الإصابة بمرض مناعي يدمر الغدة الكظرية سواء منفردة، أو تكون ضمن مرض مناعي يؤثر بالسلب على نشاط الكثير من الغدد مثل انخفاض نشاط الغدة الجار الدرقية Hypoparathyroidism وكذلك الكثير من الأعراض مثل الالتهابات الجلدية ونقص نشاط الأعضاء التناسلية ومرض البهاق وغيرها.

*  أمراض الأطفال في الأغلب يعانى الأطفال من هبوط الضغط نظرا لنقص الكورتيزون الطبيعي الذي تفرزه الغدة الكظرية وكذلك هبوط في معدلات السكر في الجسم، وخاصة الأطفال الصغار. ويمكن أن يحدث نقص السكر في الدم من دون أعراض، أو يمكن أن يحدث وتظهر أعراض نقص السكر مثل الدوار حتى الهذيان، نظرا لعدم وصول كمية كافية من الغلوكوز للمخ. وكذلك يعاني المصابون من الإرهاق المستمر فضلا عن فقدان الشهية والإحساس بالغثيان والرغبة في التقيؤ وفقدان للوزن، وأيضا آلام في البطن وضعف في العضلات وفقدان للنشاط، وكذلك زيادة الصبغة في الجلد نظرا لزيادة هرمون الغدة النخامية الذي يحاول أن يعوض نقص نشاط الغدة الكظرية مما يتسبب في زيادة الصبغة وتحول لون الجلد إلى اللون الداكن.

*  التشخيص إن تشخيص مرض نقص نشاط الغدة الكظرية ليس سهلا، خاصة أن الأعراض غير محددة للمرض وتتشابه مع الكثير من الأمراض الأخرى خاصة إذا بدأت بالتدريج مثل حالة الإرهاق المزمن chronic fatigue syndrome. ويتم التشخيص باستبعاد الأمراض الأخرى التي تسبب الأعراض مثل: فقدان الشهية والقيء وفقدان الوزن من دون سبب واضح بجانب الإجهاد والإصابة بأحد الأمراض المناعية الأخرى.

ويتم أيضا قياس نسبة الكورتيزون في الدم والتي تعطي انطباعا جيدا في حالة انخفاض النسبة خاصة إذا تزامنت مع الارتفاع في هرمون الغدة النخامية. كما يتم أيضا قياس نسبة الأملاح في الدم والتي تظهر نقصا في معدلات الصوديوم مع أو من دون زيادة في معدلات البوتاسيوم.

ويجري أيضا قياس نسبة بعض الأجسام المناعية المضادة في حالة نقص الكورتيزون وارتفاع هرمون الغدة النخامية لمعرفة إذا كان أصل المرض مناعيا أم لا. كما يمكن أيضا إجراء أشعة مقطعية على الغدة الكظرية وتعتبر من الفحوصات الهامة والتي تعطى صورة جيدة عن وجود نزيف أو أورام أو تكلسات وليس هناك حاجة لإجراء أشعة رنين مغناطيسي، حيث إنها لا تضيف عن الأشعة المقطعية.

وفي بعض الأحيان يمكن إجراء فحص مختبري لأنسجة الغدة الكظرية، والتي يمكن أن تفيد في معرفة الأسباب الأولية للمرض من خلال التغيرات التي تطرأ على نسيج الغدة نتيجة لمرض ما مثل السل الرئوي أو نزيف أوكاورام ثانوية ناتجة عن ورم أصل خارج الغدة الكظرية metastatic tumors.

*  العلاج يعتمد علاج نقص إفراز الغدة الكظرية بشكل أساسي على تعويض الهرمونات التي يتم افرزاها من الخارج، وذلك باستخدام الكورتيزون في جميع أنواع النقص سواء كان حادا أو مزمنا أو بشكل خلقي أو نتيجة لمرض آخر، ولكن الهرمون الذي يتحكم في تنظيم الصوديوم والبوتاسيوم يتم إعطاؤه في حالات معينة فقط في الحالات التي يكون أصل المرض في الغدة نفسها، وليس في الغدة النخامية المتحكمة فيها أو إذا كان هناك خلل في الهيبوثالمث. ويجب أن يتم ذلك تحت إشراف طبي متميز للموازنة بين جرعات الكورتيزون اللازمة، وفي نفس الوقت لكي لا تؤثر على النمو السليم للطفل. ويكون المقياس الذي يجب أن يتم حساب الجرعة عليه اختفاء الأعراض، وكذلك النمو السليم وكذلك عدم زيادة الوزن حيث إن الكورتيزون الزائد يحفز الشهية.

* المصدر / الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى